مصر بين عامين.. قوة الدولة من قوة مؤسساتها!

كتاب و أراء
104
0

أسامة سرايا

تستطيع أى عين أن تدرك أن العام الذى نودعه ( ٢٠٢١ ) ليس عاما عاديا فى تاريخنا الحديث، وليس بداية لحقبة جديدة للمصريين فقط، لأن صمودهم أمام تحديات العمل، والبناء، فاق أى توقعات، أو تقديرات، وأنه، بحسابات سريعة، انتقلوا، فعلا، إلى دولة حديثة، وإقليمية قوية، بل قادرة على حماية شعبها، وأرضها، ودفعهم، معا، إلى الأمام، وأن الإرادة الحديدية، التى تولت مقادير مصر فى السنوات الثمانى الماضية، قد استطاعت تحقيق أهدافها كاملة، وأصبح لديها مؤسسات قادرة على المواصلة، والتحرك صوب العصر المقبل، ولم تعد مصر عُرضة لأى ابتزاز إقليمى، أو حتى عالمى، تحت أى مسميات، أو دعاوى، أو شعارات، وتخلصت، جزئيا، أو أمنيا، من أخطر تنظيم إرهابى، تحصن، عبر سنوات كثيرة، وراء فكره، بل حاول زرع أنه يمثل الشعب، وأنه الأحق بحكمه، وإدارته، واكتشفنا أن المتأسلمين خططوا ليس للحكم فقط، بل سلخ سيناء، أغلى بقعة فى مصر، وتحويلها إلى إمارة داعشية، أو متأسلمة، يتحكمون بها فى مصر كلها.

لقد أعادت مصر للمصريين هدفا عظيما، حققه الجيش، ومؤسسات الوطن المختلفة، حيث لم يتم صرف أكثر من ٦ تريليونات من الجنيهات على بنية أساسية فقط، بل تمت إعادة بناء مصر، وتجهيزها للعصر بكفاءة، واقتدار، والأهم، لدىّ، أنه ليس بين المصريين مشكلات فكرية، أو حتى صراعات على سلطة، فقد أصبحت الأغلبية تدرك، بوضوح، أن أى سلطة أصبحت مكلفة، بل باهظة التكلفة، على من يشغلها، لأن مصر استطاعت بحسبة، وقرارات سيادية، ومواجهة حاسمة لمراكز القوى، وتنفيذ القوانين- أن تجعل من السلطة مسئولية ضخمة، وحجّمت، إلى أقصى درجة ممكنة، كل عناصر الفساد، التى صاحبت العمل العام، فى مصر سنوات طويلة.

لقد شعرت بأن المؤسسات الرقابية، والأمنية، فى مصر، قد استطاعت، بحسابات، وعمل مستمر، أن تواجه كل خروج على القوانين، وأن تُحصِّل حقوق الدولة من الكبير، والصغير، وأن يعرف المسئول، أيًا كان فى مصر، أن هناك من يتابعه، وأن المسئولية، والحساب قد دخلا فى حسابات الدولة، ولم يعد بإمكان مسئول، أو رجل أعمال، أو كبير، أيًا كان، الهروب من الملاحقة، والحساب الدقيق، بل لم يعد هناك موضع قدم لظهور أى مراكز قوى، أو حتى تجمعات شعبوية تدعى تمثيل الناس، أو الكلام باسم الدين، أو حتى اللعب على الأوتار الحساسة، والفتن، فقد أصبحت هناك دولة تعرف إستراتيجياتها، ومسئولياتها عن كل الشعب، وعن الفئات الأكثر احتياجا، وتتجه صوبهم، ولعلى، هنا، أشير إلى ما يحدث داخل الريف المصرى، فى مشروع حياة كريمة، أو مشروعات الصعيد، التى اُفتتحت فى الأيام الأخيرة، وهو ما يؤكد أننا لسنا أمام دولة من العالم الثالث، بل أمام دولة متقدمة، وصلت إلى أقصى نقطة، وتعمل، وتستثمر، وتغير الخريطة الجغرافية على كامل مساحة الجمهورية.

إننا خرجنا من عام ٢٠٢١، وقد أصبح شكل مصر ليس فقط عاصمة جديدة فقط، أو مواجهة العشوائيات الخطرة، أو إعادة بناء القاهرة التاريخية، بل ثورة فى الإنتاج، بأشكاله المختلفة، جعلت مصر دولة متقدمة فى إنتاج الغاز، والبترول، والكهرباء، ومركزا إقليميا عالميا فى شرق المتوسط، ومناطق تجمعات زراعية، وصناعية، جديدة، مفتوحة شرايينها أمام كل مواطن مصرى، وأمام الاستثمار الأجنبى، والعالمى، من خلال شبكة طرق حديثة، وسكك حديدية عصرية، وكهربائية، ومتطورة، ومحطات جديدة لـمونوريل، أو مترو الأنفاق، أو شبكات الأنفاق، التى كسرت عُزلة سيناء، وأدخلتها للخدمات الزراعية، والصناعية، والسياحية.

لقد كانوا يجهزون لمصر أن تقع فريسة، لعدم قدرتها على إعطاء الأمل لشعبها (١٠٠ مليون)، أو تقع فريسة لـكوفيد ١٩، وتوابعه المخيفة، ولعدم قدرة المؤسسة الصحية المصرية على مجابهة هذاالوباء الخطير، الذى هز العالم شرقا، وغربا- فإذا بهم يُفاجأون بأنهم أمام نمر اقتصادى قوى، هزم الإرهاب، والتطرف، وحجّم الوباء، وتحكم فيه، بل أوقف أى صراعات سياسية قد تهز الاستقرار الاقتصادى للوطن، بل أعطى النظام السياسى الموجود حصانة من الفساد، وطّهر، بكفاءة واقتدار، أى بؤرة قد تظهر، من خلال العمل والورش، التى شملت كل نواحى الحياة، والأداء، وتحاول أن تعيد، أو تُشكِّل عائقا، ولو ظاهريا، أمام الرأى العام أن هناك حصانة لأى مفسد، أيا كان.

إنه تطور مذهل فى دولة من العالم الثالث، حيث أصبحت مصر، فى فترة وجيزة، فى أيدى مؤسسات قادرة، تعمل، ليلا ونهارا، بمتابعة، مخلصة ودءوبة، من رئيس الجمهورية لمصلحة الشعب، ولمصلحة كل مواطن، وكل مسئول أصبح يعرف، بدقة، أنه مُراقب، ولن يُقبل الخطأ، أو الاستهانة بماذا يتوقع إذا حدث الانحراف؟!.

وبالرغم من ذلك، فإن القوى المؤثرة، المتشددة، فى الخارج (الإخوانجية وتوابعهم) مازالوا يلاحقون النظام السياسى، ويحاولون التدخل، إلا أن القضاء الشامخ يواجه، بالقانون، أى عناصر تحاول هز استقرار الوطن، أو ابتزازه، ولعلى، هنا، أشيد بالإستراتيجية، التى أعلنتها الحكومة خلال هذا العام، كضمانة لحقوق الإنسان، وإطلاق يد القضاء لحسم أى اتهامات فى هذه القضية، والتى أعتقد أنها ستكون مهمة لمصر فى العام المقبل، حتى يستطيع بلدنا أن يضع قدما صحيحة فى مسار عام ٢٠٢٢.

أعتقد أنه إذا كانت مصر قد قدمت نفسها فى العام المنقضى، وعبرت عن قوتها، وإمكاناتها، عبر الحدث الضخم لحفل المومياوات، أو حدث آخر مماثل (افتتاح طريق الكباش)، وهى ليست أمورا بسيطة، فى رسم صورة مصر عالميا- فإننا نتوقع، فى العام المقبل، أن تكون مصر القوية ناجحة، أيضا، فى استضافة العالم ، فى مؤتمر المناخ، وتحويل شرم الشيخ، التى تحصل على ٣٠% من سياحة مصر، إلى مدينة صديقة للبيئة، أو أننا انتقلنا بعاصمة مصر إلى قاهرة أخرى (العاصمة الإدارية)، عاصمة ذكية، من الأجيال المتقدمة للمدن العالمية، وأنه سيتم إخلاء ما بين ٢٠ و ٣٠% من مبانى القاهرة التاريخية، مع إعادة كل أحيائها، وشوارعها الأنيقة، إلى شكلها، وعهدنا بها.