كان لوقعْ نجاح المبادرة السعودية الإنسانية للإفراج عن المحتجزين من جنسيات ٥ دول (المغرب، وأمريكا، وإنجلترا، والسويد، وكرواتيا) من روسيا، مقابل أسرى فى أوكرانيا- تأثير كبير على المسرح الدولى، فقد جاءت وسط تصعيد روسى- أوكرانى فى مجريات الحرب، ودخول روسيا مرحلة جديدة من التعبئة العامة، وزيادة عدد مقاتليها فى أرض المعارك الأوكرانية، وفى الوقت نفسه تصعيد أمريكى- غربى- روسى فى محفل الأمم المتحدة.
الطرفان يتشددان نحو الصراع المدمر، فالاتحاد الروسى يرى أن الأمريكيين، والغرب يريدون تفكيك روسيا، والطرفان المتعاركان فشلت كل جهود التعاون بينهما، ويريان أنه لا حل لهذا الصراع المدمر إلا صيغة الانتصار، أو الهزيمة للطرف الآخر.
نجاح الدبلوماسية السعودية، وأميرها محمد بن سلمان، ولى العهد، كان له تأثيره، وتقديره عالميا، ولدى طرفى الحرب (روسيا، وأوكرانيا، وأمريكا)، وأعطى إشارة أنه مازال للدبلوماسية، والعقلانية مجال فعّال على أرض الواقع، وقد تسهمان فى الخروج من هذا الصراع، لأن الحرب المدمرة تأثيرها ليس على الأوكرانيين وحدهم، بل على أوروبا، والعالم كافة فى مجالين حيويين (الغذاء، والطاقة).
لم تكن هذه هى النافذة الأولى التى فتحت مجالا للوساطة، والعقلانية فى إنهاء الأزمة القاسية، بل كانت هناك مباحثات سابقة، أو أخرى، جرت حول تصدير محاصيل القمح، والحبوب الأوكرانية، والأسمدة الروسية، وأن يتم إخراجها من العقوبات لتأثيرها فى دول كثيرة بعالمنا، وهذان التطوران منحا العالم الشغوف لنهاية هذه الحرب العبثية شعورا بأن الوساطة العاقلة ذات المصداقية قد تُحدث تغييرا، وتفتح ثغرة فى هذه الأزمة المعقدة، وذلك ما حدث عبر الوساطة السعودية الناجحة التى أعطت للأسر التى استفادت منها زخما إنسانيا لا يُستهان به، ولا يمكن أن نغفله.
لقد تزامن هذا الحدث السياسى الإنسانى المميز (الوساطة السعودية) مع العيد الوطنى للمملكة رقم ٩٢ ، فحمل لنا بشرى أن منطقتنا مازالت قوية، وقادرة على التأثير، وتحمل طاقات سياسية خلاّقة، ومتجددة للتأثير فى عالمها، وتعطى نموذجا للعمل على تحقيق السلام، والاستقرار الإقليمى، والعالمى.